... لا يُمكنكـ أن تتحكّم في طول حياتكـ
!!! لكن ... يُمكنكـ أن تتحكّم في عرضها ، وعُمقها ، وارتفاعها
-إيفان إيزار-
!! عفواً .. مثلي لا يدفع
صباح كل يوم ، كان سائق الحافلة يصحو بنشاط و همّة لطلب الرّزق ، فتراه ينقل من محطّة إلى محطّة دون كلل أو ملل
... وأضحى كالأب للرّكاب جميعاً
حيثُ اعتاد على مُلاطفتهم ، ورواية القصص و النّكت لهم ، حتّى أنّ أغلب سكّان المدينة كانوا يعرفون هذا السّائق المُتميّز
وفي يوم مُمطر عاصف ركب مع السّائق شاب في العشرين من عمره ، مفتول العضلات
، قد رسمت بقايا مُشاجرات قديمة ملامح شر على وجهه
وقد بثّ وجود هذا الشّاب الرّعب في قلوب الرّكاب ، ومع هذا لم يتردّد السّائق من طلب قيمة التّذكرة من الشاب
!و الذي أجاب بقوله : مثلي لا يدفع قيمة التّذكرة
نزل الرّاكب في إحدى المحطات و قد تغاضى السّائق عنه رغبة في عدم إثارة المشاكل، والمُفاجأة أنّ هذا الشّاب ركب معه في الغد
!!وتكرّر طلب التّذكرة من السائق و تكرّر الرّد من الرّاكب : مثلي لا يدفع قيمة التّذكرة
و أصبح الأمر يتكرّر بشكل شبه يومي ، وأصاب السّائق همٌ و غمٌ شديدان
... بل و فارق الكرى جفنيه من الإحراج الشّديد الذي سبّبه له هذا الرّاكب
و بعد أيّام ، قرّر أن يواجه هذا الشّاب ، وقد استعدّ له بعصا غليظة أخفاها بين ملابسه ليستعين بها عند مُنازلته
ركب الشّاب كالعادة ، فأوقف السّائق الحافلة و توجّه لهذا الشّاب مضمراً الشّر مُتأهّباً للقِتال و صرخ في وجه الشّاب: أين تذكرتك؟؟
!! ... فردّ عليه الشّاب بردّه المعهود: مثلي لا يدفع قيمة التّذكرة
فأمسك به السّائق من رقبته ، وقد تأهّب لإخراج العصا ليضربه ، وسأله : لماذا لايدفع أمثالك قيمة التّذكرة!؟
ردّ عليه الشاب بصوت مُنكسر ، ونَفَس مُتقطّع : لأني مُصاب بالسّرطان
!! ... و قد أعفاني مُحافظ البلديّة من قيمة تذاكر الحافلات
.... فأسقط في يد السّائق وعاد حزيناً نادماً بعد أن تعلّم درساً عظيماً لن ينساه طوال عمره
!! كم من مشكلة نسجه في خيالنا دون أن يكون لها وجود
...العاقل هو من يتحقّق من وجود المُشكلة قبل أن يبذل الجّهود و يُضيّع الأوقات في حلّها